تعديل

الخميس، 1 أكتوبر 2015

حديث لطم نبي الله موسى عين ملك الموت

شبهة لطم موسى لملك الموت للشيخ سعود الزمانان

درسة جديدة قام بها الشيخ الفاضل سعود الزمانان حول حديث لطم نبي الله موسى عليه السلام لملك الموت
وشرح لمعاني هذا الحديث والرد على أهم الشبهات المثارة حوله





- الرد على شبهة لطم موسى ملك الموت:



أخرج البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه قال:
" أرسل ملك الموت إلى موسى عليهما السلام، فلما جاءه صكه،
فرجع إلى ربه، فقال:
أرسلتني إلى عبد لا يريد الموت، فرد الله عليه عينه، وقال: ارجع، فقل له يضع يده على متن ثور، فله بكل ما غطت به يده بكل شعرة سنة. قال: أي رب، ثم ماذا؟ قال: ثم الموت. قال: فالآن، فسأل الله أن يدنيه من الأرض المقدسة رمية بحجر).
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (فلو كنت ثم لأريتكم قبره، إلى جانب الطريق، عند الكثيب الأحمر
-
فقال الطاعنون أن هذا الحديث يخالف العقل والمنطق ، وأن هذا الحديث يصور موسى عليه السلام بأنه يخاف من الموت وهو نبي من أنبياء الله
.
- الرد :
-



أولاً :

ثبت في الكتاب والسنة أن الملائكة يتمثلون في صور الرجال ، وقد يراهم بعض الناس ويظنون أنهم من بني آدم ،
كما في قصة إبراهيم عليه السلام
{ هَلْ أَتَاكَ حَدِيثُ ضَيْفِ إِبْرَاهِيمَ الْمُكْرَمِينَ {24} إِذْ دَخَلُوا عَلَيْهِ فَقَالُوا سَلَاماً قَالَ سَلَامٌ قَوْمٌ مُّنكَرُونَ {25}
فَرَاغَ إِلَى أَهْلِهِ فَجَاء بِعِجْلٍ سَمِينٍ {26} فَقَرَّبَهُ إِلَيْهِمْ قَالَ أَلَا تَأْكُلُونَ {27} فَأَوْجَسَ مِنْهُمْ خِيفَةً قَالُوا لَا تَخَفْ وَبَشَّرُوهُ بِغُلَامٍ عَلِيمٍ } .

- قال تعالى في لوط

{ وَلَمَّا جَاءتْ رُسُلُنَا لُوطاً سِيءَ بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعاً وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ {77} وَجَاءهُ قَوْمُهُ يُهْرَعُونَ إِلَيْهِ وَمِن قَبْلُ كَانُواْ يَعْمَلُونَ السَّيِّئَاتِ قَالَ يَا قَوْمِ هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ {78} قَالُواْ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا لَنَا فِي بَنَاتِكَ مِنْ حَقٍّ وَإِنَّكَ لَتَعْلَمُ مَا نُرِيدُ {79} قَالَ لَوْ أَنَّ لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ } .
- وقال تعالى في مريم


{ فأرسلنا إليها روحنا فتمثل لها بشراً سوياً قالت إني أعوذ بالرحمن منك إن كنت تقيا } .
-

وكذلك ما ثبت عن عمر بن الخطاب قال :

" كنا عند رسول اللّه صلى اللّه عليه وسلم فجاءه شديد بياض الثياب شديد سواد الشعر، لا يرى عليه أثر السفر، ولا يعرفه منا أحد حتى أتى النبي صلى اللّه عليه وسلم، فألزق ركبته بركبته، ثم قال: يا محمد ما الإيمان؟ قال: أن تؤمن باللّه وملائكته وكتبه ورسله واليوم الآخر والقدر خيره وشره، قال فما الاسلام،
قال شهاة أن لا إله إلا اللّه وأن محمدا رسوله، واقام الصلاة، وايتاء الزكاة وحج البيت، وصوم رمضان. قال: فما الاحسان؟ قال: أن تعبد اللّه كأنكتراه، فان لم تكن تراه فانه يراك. قال: في كل ذلك يقول له صدقت. قال: فتعجبنا منه يسأله ويصدقه،
قال: فمتى الساعة؟ قال: مالمسؤل عنها بأعلم من السائل، قال: فما أمارتها؟
قال: أن تلد الأمة ربتها وأن ترى الحفاة العراة العالة رعاء الشاء يتطاولون في البنيان قال عمر:
فلقيني النبي صلى اللّه عليه وسلم بعد ذلك بثلاث، فقال: يا عمر هل تدري من السائل؟
ذاك جبرئيل أتاكم يعلمكم أمر دينكم ".
-

فمن كان جاحداً لهذه الأدلة أو ارتاب فيها فقد نزع ربقة الإسلام من عنقه ، ومن كان مصدقاً لهذه النصوص
فقد ثبت أنه لا يمتنع شرعاً ولا عقلاً من أن
يتمثل ملك الموت في صورة رجل ويأتي إلى موسى فلا يعرفه موسى عليه السلام .
-

ثانياً : قال العلامة المعلمي اليماني – رحمه الله - :

" الجسد المادي الذي يتمثل به الملك ليس جسده الحقيقي ، وليس من لازم تمثله فيه أن يخرج الملك عن ملكيته ، ولا أن يخرج ذاك الجسم المادي عن ماديته ، ولا أن تكون حقيقة الملك إلى ذلك الجسم كنسبة أرواح الناس إلى أجسامهم ،
فعلى هذا لو عرض ضرب أو طعن أو قطع لذاك الجسم لم يلزم أن يتألم بها الملك ولا أن تؤثر في جسمه الحقيقي " .
( الأنوار الكاشفة ص 214) .
-


ثالثاً :

ما المانع أن تقتضي حكمة الله عز وجل أن يمثل ملك الموت بصورة رجل ويأمره الله أن يدخل على موسى بغتة ويقول له
مثلا :
سأقبض روحك وينظر ماذا يصنع ؟ لتظهر رغبة موسى في الحياة وكراهيته للموت فيكون في قص ذلك عبرة لمن بعده ،
وعظة للمتعظين .

-

رابعاً :

أما استغراب البعض من كراهية موسى عليه السلام للموت بعدما جاءه ملك الموت ،
فهذا أمر غير مستغرب فكراهية الموت قد جبله الله تعالى في كل إنسان ،
وهي من طبيعة بني آدم أن يكره الموت كائناً من كان ، ولا غرابة أن يكرهه موسى عليه الصلاة والسلام ،
وهو عليه الصلاة والسلام لا يخرج عن إنسانيته وبشريته .

-
وقد صح عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم - :
" من أحب لقاء اللّه أحب اللّه لقاءه، ومن كره لقاء اللّه كره اللّه لقاءه"،
قلنا: يا رسول اللّه: كلنا نكره الموت، قال صلى اللّه عليه وسلم: "ليس ذلك كراهية الموت،
ولكن المؤمن إذا حُضِرَ جاءه البشير من اللّه تعالى بما هو صائر إليه،
فليس شيء أحب إليه من أن يكون قد لقي اللّه تعالى، فأحب اللّه لقاءه،
قال: وإن الفاجر، أو الكافر، إذا حضر جاءه بما هو صائر إليه من الشر أو ما يلقى من الشر، فكره لقاء اللّه فكره اللّه لقاءه " .

- وهذا إقرار من النبي – صلى الله عليه وسلم – لقول الصحابة :

" كلنا يكره الموت " فكراهية الموت شيء فطري جبلي ، وليس في النصوص الشرعية ما يعارضه ،
بل العكس هو الصواب والله الموفق .
-

خامساً :

أما العاهة التي يقول أهل البدع أنها حدثت لملك الموت ، فإنها عاهة عارضة للصورة التي تصور بها الملك وليست للصورة الأصلية التي خلق عليها ، وقد ثبت أن الملك يتصور للنبي وغيره بصور شتى فلا يمنع أن يعرض لهذه الصورة عارض لأنها صورة بشرية وليست صورة الملك التي خلقه الله تعالى عليها ، وملك الموت عبد مخلوق من عدم وصائر إلى الموت ، ويبقى وجه ربك ذو الجلال والإكرام .

- سادساً :

حتى هذه العاهة الطارئة ووقوع الصكة وتاثيرها على ذلك الجسد العارض ،
لم ينل من الملك أصلا شيئاً ، ولم يصبه بأس ،
بل إن في الحديث :
" فرد الله عينيه " وحاصله أن الله تعالى أعاد تمثيل الملك في ذلك الجسد المادي سليماً ،
حتى إذا رآه موسى قد عاد سليماً مع قرب الوقت عرف لأول وهلة خطأه أول مرة .
-



سابعاً :

هذه الأحاديث وغيرها هي من الإيمان بالغيب ، قال تعالى { الذين يؤمنون بالغيب } ،
وهذا حديث ثابت عن رسول الله – صلى الله عليه وسلم – رواه الثقات العدول أئمة الإسلام والحديث كالبخاري ومسلم وأحمد والنسائي وابن خزيمة وغيرهم ،
وقبلته أمة محمد صلى الله عليه وسلم ، وآمن به خير البشر بعد أنبياء الله وهم الصحابة وتلقاه الخلف عن السلف ،
وأخبر صلوات الله وسلامه عليه عما يحصل في الأمم السابقة وهو الصادق المصدوق ،
لذلك قال المازري :" قد أنكر بعض الملاحدة هذا الحديث وأنكر تصوره " .
-


ثامناً :

ثم إن حديث لطم موسى لملك الموت ، قد رواه الشيعة الإمامية في كتبهم المعتمدة ، فقد أخرج العالم الشيعي التويسيركاني في كتابه ( لئاليء الأخبار ) باب " في سلوك موسى قال ما نصه: (في سلوك موسى 
في دار الدنيا وزهدها فيها، وفي قصة لطمه ملك الموت حين أراد قبض روحه، واحتياله له في قبضها ....

- وقد كان موسى  أشدّ الأنبياء كراهة للموت ، قد روى إنه لم جاء ملك الموت، ليقبض روحه، فلطمه فأعور، فقال يارب إنك أرسلتني إلى عبد لا يحب الموت، فأوحى الله إليه أن ضع يدك على متن ثور ولك بكل شعرة دارتها يدك سنة ، فقال: ثم ماذا ؟ فقال الموت، فقال الموتة ، فقال أنته إلى أمر ربك ( ) .
-

تاسعاً :

قال العالم الشيعي الإمامي المحدث الكبير عندهم محسن الكاشاني نقلا من كلام علي بن عيسى الأربلي ما نصه:

( أن الطباع البشرية مجبولة على كراهة الموت مطبوعة عن النفور منه، محبة للحياة ومائلة إليها حتّى أن الأنبياء عليهم السلام على شرف مقاديرهم وعظم أخطارهم ومكانتهم من الله ومنازلهم من محال قدسه وعلمهم بما تؤول إليه أحوالهم وتنتهي إليه أمورهم أحبّوا الحياة وما لوا إليها وكرهوا الموت ونفروا منه ،وقصة آدم مع طول عمره وامداد أيام حياته مع داود مشهورة ، وكذلك حكاية موسى 
مع ملك الموت!! وكذلك ابراهيم  ( ) .


موقع المنهج

0 التعليقات:

إرسال تعليق

Twitter Delicious Facebook Digg Stumbleupon Favorites More